فالشاعر هنا يعلنها ثورة على هؤلاء الحكام الذين فرطوا في الدفاع عن الإسلام وخذلوه حين أسلموه للأعداء برضوخهم لهم، فتخلوا عن قيمه، وقعدوا عن حمايته، وقد مضوا في هذا الطريق الخطر إلى غاية ما بعدها إلا العثور وذلك حين استعانوا بالنصارى بعضهم على بعض في عراكهم الذي هو غير معترك، ومن أجل ذلك وجب مقاومتهم وشق العصا عليهم، لأن طاعتهم والتسليم لهم سيقود حتما إلى نهاية أليمة وعاقبة مخزية وخيمة. والشاعر هنا يبرر الخروج على الملوك بأنهم أحدثوا في الإسلام حدثاً، وأنهم سلموه للأعداء، وقعدوا عن نصرته، وأنهم ما لأو الكفار وواطؤهم على النيل منه، وأنهم عصوا رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذه كلها براهين يسوقها لتأييد قضيته وتدعيم دعوته ووجاهة فكرته.
وقد تناول الشعر المنكرات، فشدد النكير على مرتكبيها مبينا مضارها وخطورة انتشارها، فقال أحد الشعراء عند سقوط طليطلة، في يد الأسبان عام 478هـ:
وجاءهم من الله النكير
فإن قلنا العقوبة أدركتهم
نجور وكيف يسلم من يجور
فإنا مثلهم وأشد منهم
وفينا الفسق أجمع والفجور
أنأمن أن يحل بنا انتقام
إليه فيسهل الأمر العسير
وأكل للحرام ولا اضطرار
كذلك يفعل الكلب العقور
ولكن جرأة في عقر دار
على العصيان أرخيت الستور [5]
يزول الستر عن قوم إذا ما