وقد توسع مدلول المقاومة عندهم فشمل الدعوة إلى الثورة على الملوك الذين خضعوا لملوك النصارى، واستعانوا بهم على إخوانهم في العقيدة والوطن، كما شمل محاربة المنكرات الفاشية والمفاسد البادية بحسبانها سبب الضعف والهلاك، وشمل كذلك الدعوة إلى الجهاد في سبيل الله ومقاومة العدو المغير، كما شمل أيضاً البحث عن قيادة رشيدة تجمع شمل الأمة، وتمضي بها في عزم وثبات، ولا ننسى القصيدة المادحة التي مجدت الأبطال، وتغنت بانتصاراتهم وقد استعانت في نقل التجربة وتكثيف العاطفة بالمعنى الحي والكلمة المؤثرة والصورة المعبرة التي تستلفت النظر، وتستوقف العجل، وتستنفر القاعد، وتجعل المرء يخوض غمار الحرب بصدر رحب وجنان جريء وعزم قوي. هذا، وقد ارتفع صوت هذا الشعر حتى جاوز حدود الأندلس الجغرافية فشّرق وغرّب مستنجدا مستنهضاً.
ونحب أن تقف عند بعض ضروب المقاومة التي ألمحنا إليها آنفاً، وذلك على سبيل المثال لا الحصر، إذ أن تتبع جزئياتها والإلمام بها يحتاج إلى جهد متصل وبحث منفصل قد لا تتسع له مجلة تعالج أكثر من موضوع.
من ذلك ما قاله خلف بن فرج الألبيري في حكام غرناطة:
ماذا الذي أحدثتمو
ناد الملوك وقل لهم
أسر العدا وقعدتمو
أسلمتم الإسلام في
إذ بالنصارى قمتمو
وجب القيام عليكمو
فعصا النبي شققتمو [4]
لا تنكروا شق العصا