تأملات في كتاب (الله أو الدمار)
لفضيلة الشيخ محمد مصطفى المجذوب
بين يدي الساعة كتاب (الله.. أو الدمار) من تأليف الأستاذ سعد جمعه رئيس الوزارة الأردنية أيام النكبة، التي زلزلت العالم الإسلامي عام 1387هـ (1967م) وقد سبق أن قرأت من تصانيفه كتابيه (المؤامرة ومعركة الصبر) ثم (مجتمع الكراهية) فحفزني إعجابي بهما على تصفح هذا الثالث، الذي لم يفارق سبيلهما في تقصي الوقائع واستشفاف الحقائق بنور الله، الذي يفيضه على القلم النظيف، فيهز بما يكتب القلب المفتوح لأشعة الحق.
لقد وفق المؤلف في هذا السفر إلى استجلاء كثير من الأسرار، التي لا يتوافر الحصول عليها إلا للصابرين على المطالعة والمتابعة والملاحظة، فهو حصيلة عشرات الكتب، وخلاصة لدراسات نفسية على الطبيعة، تغلغل بها إلى الأعماق من التيارات التي واجهها ويواجهها أثناء وجوده في الحكم، واستشرافه عن كثب للعوامل التي ألفت عناصر المأساة، ثم ما أعقبها من زعازع لا تزال تخض أعصاب الجيل فتبعثره بين مختلف المذاهب والجوانب، ولو شئت الإشارة إلى ل ما انطوى عليه هذا الجهد من الحسنات لاضطررت إلى الوقوف عند كل واحدة من صفحاته المائتين والسبعين، التي حفلت بالقبسات البارعة، والاستنباطات الرائعة، والتعابير المتألقة الماتعة، وما ذلك بالميسور في المحدود من السطور، فبحسبي إذن أن أوجه نظر القارئ منها إلى بعض النماذج الدالة على ما ورائها من الجمال، لينهض إلى استقصائها بنفسه فذلك أجدى عليه وأمتع له.