وهناك موجب آخر لقبول هذه الأوامر والتكاليف، وهي كونها في عمومها ملّة أبيكم إبراهيم الذي تحبونه وتنتسبون إليه فكيف يدعي عبدة الأوثان أنهم على دين إبراهيم وهو الذي حطم الأصنام. وأقام صرح التوحيد، ثم إنكم بعد ذلك سميتم بالمسلمين، والإسلام من السلامة فإنكم حملة مشاعل السلام في الأرض تنشرونه في ربوعها، وتركزونه في دولها، وتدافعون المعتدين عليه، هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا. والذي سماكم المسلمين من قبل هو أبوكم إبراهيم فأنتم إجابة دعوة الخليل عليه السلام حينما قال: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} .
والأولى أن يكون الذي سماكم المسلمين من قبل هو الذي اجتباكم واختاركم، وهو الذي سماكم بهذا الاسم ليكون الرسول شهيدا عليكم ولتكونوا شهداء على الناس فأي تشريف يبلغ مبلغ هذا التشريف، وأي تكريم يصل إلى هذا الحد من التكريم؟.
هذه أمور ثلاثة كل منها يوجب _ منفردا _ الطاعة المطلقة للأوامر وهي أنه سبحانه اجتباكم واختاركم، وأن هذه الشريعة امتداد لملة أبيكم إبراهيم الذي تنسبون إليه، وأنه سبحانه سماكم المسلمين في الكتب السابقة وفي القرآن الكريم ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس.
وشهادة الرسول علينا أنه بلغنا الرسالة ولم يكتمنا أمرا ولا نهيا.