فدخولك غرفة التدريس في أول الحصة وقبل أن يبدأ المدرس محاضرته أمر يجب أن تحرص عليه وترعاه، كي لا يفوتك شيء من التوجيهات، أو المعلومات أو الإشارة إلى مراجع ذات قيمة، ومن جهة أخرى فهذا الدخول المبكر يوثق الصلة بينك وبين المدرس، ويجعل بينكما مودة ورحمة، فتراه حريصا على فهمك، محتفيا بأسئلتك، لا يعرض عنك ولا يعتذر إليك إن سألته خارج غرفة التدريس أو داخلها.
وأرجو كذلك أن تحرص على حضور كل حصة، فحضور كل حصة يجعل معلوماتك في كل مادة متواصلة متماسكة ليس فيها فجوات ضعف ولا ثغرات جهالة.
أما الأمر الثالث الذي أود أن تحرص عليه فهو أن يجهز مكان دراستك بالنور الكافي، والنور الكافي ضروري لنشاطك ولسلامة عينيك، ولمستقبل حياتك العلمية والعملية، النور الضعيف يبعث الملل ويأتيك بالكسل، وأشد إضرارا من ذلك أنه يتلف عينيك اللتين هما من أعظم ما يعينك على دراستك، وأعظم ما يوفر لك الوقت للبحث المتعمق والإنتاج المثمر.
وما أكثر الطلاب الذين يهملون هذا الأمر، ويدرسون على أضواء شاحبة هزيلة، حتى إذا أصاب أعينهم الأذى ولحق بها الضعف، أخذوا يعضون على أيديهم، ولات ساعة مندم.
تلميذي العزيز:
ما حدثتك عنه من وضع جدول خاص لدراستك، واختيار مكان مناسب لتلك الدراسة، ومن أمور أخر كالتبكير في حضور الحصص، والحرص على حضور كل حصة، والنور الموفور في مكان الدراسة، كل أولئك خطوات تمهيدية للدراسة، أما الدراسة نفسها فلم أحدثك عنها بعد.
ماذا تعني كلمة الدراسة؟
أول ما يخطر بالبال أنها فتح كتاب مقرر، ومحاولة استظهار ما فيه استعدادا للامتحان، وهذا معنى ضيق محدود لما تعنيه كلمة الدراسة، أما الدراسة بمعناها الأعم الواسع فهي: كل مجهود يبذل في سبيل التعلم.
وأياًّ كان معناها، فالدراسة لا بد لها من القراءة، والقراءة أعظم الدعائم التي تقوم عليها الدراسة.