وربما كانت مكتبة الجامعة خير مكان لدراستك إذا هيئت لك فيها الدراسة وصلحت، فللمكتبة نظام يوفر لها الهدوء والسكينة، ويدرأ عنها ما يشتت الخواطر ويكدّر الأذهان، وفي المكتبة تنجو من زيارات فارغة تافهة تسحت وقتك وتفسد دراستك.

وإذا وجدت المكتبة خير مكان تدرس فيه من بعد تجربة، فإياك أن تجلس على مقربة من الباب فتشغل نفسك بمن يدخل ويخرج ولكن وَلِّ وجهك شطر الجدار، فلا ترى أحدا ولا يراك أحد.

وعلى كل حال فالمكان عادة وإلْف، فمن الطلاب من اعتاد الدراسة في المساجد، ومنهم من اعتاد الدارسة في الحدائق العامة، ومنهم من اعتادها في ساح الجامعات وأفنيتها، ومنهم من اعتاد أن يدرس في غرفته الخاصة فخير مكان مكان يحفظ عليك وقتك، ويحول بينك وبين ما يلهيك عن دراستك.

فإذا لم تتيسر لك مكتبة الجامعة، ولم يك في الجامعة قاعة واسعة خاصة بالمطالعة، تخضع للإشراف المهيمن والنظام الصارم، فربما كان أفضل مكان لدراستك غرفتك الخاصة، فإن وجدت فيها راحتك وطمأنينة نفسك فالحذر الحذر أن تدرس وأنت مستلق على الفراش، فالفراش يبعث على التراخي، ويدعو إلى الكسل والنوم، والأفضل أن تجلس على كرسي يكون مستقيم الظهر، وأمامك منضدة خالية من كل شيء، إلا ما تحتاج إليه من كتب مقررة ودفاتر ملاحظات وبعض المعاجم اللغوية، وليكن وجهك إلى الجدار، وحذار أن يكون أمامك نافذة مفتوحة، إنها سترحل بعينيك إلى خارج الغرفة، وتنتزعك من بين كتبك إلى أماكن شتى وآفاق بعيدة.

وإياك والانحناء في أثناء الدراسة، فذلك يتعبك ويضر بصحتك ويجلب عليك الكسل.

تلميذي العزيز:

ليس توفير ساعات معدودة للدراسة كل يوم، وتوزيعها على المواد المقررة، واختيار المكان المناسب، ليس ذلك كل ما تطلبه الدراسة الناجحة، فهناك أمور أخر أرجو أن تهتم بها وترعاها، وإن رآها كثير من الطلاب ليست بذات بال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015