والواقع أن البلاد الإسلامية يجب أن تغير النظر في سياسة الإبتعاث إلى الخارج فلا ترسل إلى أوربا وأمريكا مثلا أشخاصا لدراسة العلوم الإسلامية المختلفة لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وإذا كان هذا الأمر قد حدث في وقت سيطرة الاستعمار على كثير من الدول الإسلامية فينبغي على هذه الدول بعد التخلص من سيطرة الاستعمار سياسيا وعسكريا، أن تتخلص من سيطرة الاستعمار ثقافيا، وأن تعمل على محو كل أثر من آثار هذه السيطرة الثقافية لأنها أشد خطورة وأعمق أثرا، فلا ترسل إلى أوربا إلا من يريدون دراسة علوم بلغت في هذه البلاد شأواً لم تبلغه بعد في بلادنا الإسلامية، على أن تكون هذه مرحلة مؤقتة تنتهي بانتهاء الأسباب التي دفعت إليها، أما أن ترسل الدول الإسلامية أشخاصا لدراسة التاريخ الإسلامي أو أي علم من العلوم الإسلامية المختلفة في أوربا أو أمريكا فهذا أمر يجب إيقافه ووضع حد له.
وصفوة القول أن تاريخنا الإسلامي في حاجة إلى أن تعاد كتابته وصياغته بحيث يخلو من الشوائب التي علقت به، وبحيث يوضح تاريخ المسلمين في عصورهم المختلفة بكل جوانبه، وبكل ما فيه من إيجابيات وسلبيات، لأننا محتاجون إلى معرفة تاريخنا الإسلامي والاستفادة من أحداثه، وأخذ العبرة من هذه الأحداث، والأخذ بالأسباب التي أدَّت إلى الرقي والازدهار، وتجنب العوامل التي أدت إلى الضعف والاندحار والسير على هدى وبصيرة.
لقد أقام المسلمون حضارة لم يشهد لها التاريخ مثيلا في سمو الأخلاق ونبل الأهداف حين كانوا متمسكين بكتاب الله، مطبقين لأحكام الله، ومهتدين بهدى خاتم النبيين صلوات الله وسلامه عليه، فلما تركوا كتاب الله وهدي نبيه وراءهم ظهريا، تبدلت أحوالهم وأصاب الضعف بلادهم وتلك سنة الله في خلقه {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} .