والعجيب أن كثيرا من الدارسين في البلاد الإسلامية يتشدقون بضرورة فصل العلم عن الدين، ويطالبون بإعطاء المستشرقين وأشباههم حق الاشتراك في إعادة كتابة التاريخ الإسلامي، وأن يصدروا من الأحكام ما تنتهي إليه دراستهم دون خوف مما يكتبون، وما يصدرون من أحكام، ونقول لهؤلاء إن ما يقولونه غير صحيح لأن غير المسلمين لا يمكن أن يكونوا منصفين في بحثهم، ولن يستطيعوا أن يتخلوا عن أهوائهم، وأن يتخلصوا من كرههم للإسلام وهم يحاولون إعادة كتابة التاريخ الإسلامي مهما أعلنوا حيادهم، أو تظاهروا بحبهم لإثبات الحقائق العلمية، دون تأثر بأي عامل من عوامل التأثير.
إن هؤلاء كاذبون مضللون يريدون أن يخدعُوا المسلمين بزخرف القول ومعسول الكلام ليضعوا السُّم في العسل ويمزجوا تاريخ المسلمين بما تكنُّه صدورهم من حقد وعداوة، وقد سألت أحد هؤلاء الكاذبين المضللين هل يقبل أن يكتب مؤرخ مسلم تاريخ النصرانية أو تاريخ الكنيسة؟ فبهت الذي كفر. وأمسك عن الجواب، فقلت له أرأيت كيف أنكم تبيحون لأنفسكم ما لا تبيحونه لغيركم؟ وإذا كتب مسلم تاريخ الحروب الصليبية، أو تحدث عن الكنيسة أوسعتموه نقدا بألسنة حداد مع ما عرف به المسلمون من التسامح وعدم التعصب.