(3) وقد صاحب هذا الإفلاس المذهبي الداخلي يقظة مفعمة بالوعي والتطلع والقصد الجميل في أوساط الشعوب الإسلامية ولاسيما على مستوى الشباب والأجيال الصاعدة التي عانت خلال عشرين سنة ما عانت من قهر وإذلال وكبت للحريات وحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية باسم الحرية الديمقراطية والكفاية والعدل إلى آخر القائمة التهريجية المشئومة التي لم تكن في الحقيقة إلا إرهاباً وتسلطاً وتثبيطاً للعزائم وتيئيساً من الحياة وتشتيتاً للجهود وتدميراً للمحاولات الطيبة لتقوية هذه الأمة وإرشادها لأحسن السبل وأقومها. كل ذلك كان خدمة للعدو الرابض في القدس وتمديداً لعمر العدوان والظلم وإغاثة للإمبريالية على إبقاء هيمنتها على مصائرنا وثرواتنا وعواطفنا وبالتالي على إبقاء الأمة الإسلامية منتكسة في المؤخرة بعيدة عن الاهتداء لشروط نهضتها وممارسة حياة حرة كريمة كما يأمرها بها دينها.
إن الإفلاس الخارجي والإفلاس الإيديولوجي الداخلي والوعي الإسلامي الغامر أمور مساعدة للدعوة الإسلامية ومهيئة لها لتنمو بسرعة وثبات وشمول، لذلك فعلى هذه الدعوة أن تتدارك ما فاتها وتسارع إلى تنظيم نفسها تنظيماً مدروساً حتى تتلاءم والأوضاع الجديدة في الداخل والخارج معاً.
وأعود للسؤال السابق: فما العلاج؟ أو بعبارة أخرى: كيف نستطيع تجاوز هذه العراقيل والتغلب على المعوقات التي في طريق الدعوة؟
إنه من الصعب جداً أن يزعم الإنسان أنه قادر وحده على الجواب بسهولة وكفاية وصواب وبخاصة خلال كلمة مستعجلة أو مقالة مرتجلة لكن يمكن القول أن علاج الذات وصيانتها وتحصينها هي الشرط الأساسي لمواجهة الأخطار الخارجية، ويقتضي ذلك ترميم الجبهات الداخلية ولم شملها وإحكام أنظمتها وإنعاش مرافقها ومؤسساتها.