ربما كانت هذه المملكة من توفيق لها أنها حظيت بملك يعتمد على الدين، ويرى شرفه بأن ينتسب إلى الإسلام، لكن أنواع السلطة في العالم الإسلامي نجح الغزو الثقافي في إبعادها عن الإسلام، فضرب التشريع الإسلامي ضربة انهار لها، وحكم المسلمون الآن بغير ما أنزل الله. ولما كان القانون أو التشريع هو الحزام الذي يشد تعاليم الإسلام ـ فإن هذه التعاليم بقيت بغير رباط يجمعها ويشد عراها، فأخذت تتخلخل وتتراخى وتتساقط، ثم وجدنا من يقول: (التقاليد القديمة لا معنى لها:)
فغرتنا التقاليد الجديدة، الأخلاق الدينية لا الأخلاق المدنية.
ومن يقول: الأخلاق الدينية أهدأ من الأخلاق المدنية والعبادات هي وسيلة لإقامة الأخلاق فلا ضرورة للعبادات. ثم بدأت العقائد نفسها تترنح إثر ضربات وجهت إليها. وبلغ من أن يقال الآن: التثليث والتوحيد سواء من الناحية المادية والأدبية!!!
ولهما حق الوجود، ولهما حق الاقتران، ولهما حق الزحف والدخول في العقول على قدر مشترك!!!
هذه الهزيمة التي نشعر بها ـ يكلف الدعاة الآن بأن يواجهوها! وأريد أن أقول:
أنني لا أكلف داعية بمغامرة! ولنا في سيد الدعاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، نحن لا نتعجل معركة، نخسر الكثير ونكسب فيها القليل.
إن سيد الدعاة صلى الله عليه وسلم ـ بدأ بالتغيير الجذري عندما بدأ بغزو النفوس، وعندما بدأ بشحن العقول بلغ هذا الشحن مدى أسأل نفسي.. هل وصلنا إليه؟ أقول: لا.
أتأمل في هذه الآية: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ} ؟