ذلك أنه على الرغم من تردِّي الحياة الجاهلية الوثنية في بعض جوانبها الاجتماعية، وعلاقات الأفراد والقبائل بعضها مع بعض بما تحفل به كتب التاريخ من قصص المعارك، حتى لتبدو هذه العلاقات في جملتها سيئة؛ لأنها تقوم على العصبية الدموية، والقرابة النسبية، وناهيكم بـ (أيام العرب) التي راح ضحيتها الكثيرون من أبنائهم وشجعانهم، ومن العجيب أن هذه الأيام كانت من بين الأسباب القوية في إنهاض الشعر العربي الجاهلي، تعبيرا عن الحماسة والفخر والتباهي بالأنساب والأحساب، وفق تقاليد الجاهليين، وظل الحال يتصاعد في نمو أدبي مطّرد حتى ظهر نور الإسلام، والعرب أغنى ما يكونون براعة وفصاحة في كلامهم: شعرا ونثرا.

ومن الواضح المتعالَم أن هذا الأدب العربي وُجد أولاً منذ بدأت فترة الجاهلين، تعبيرا عن مفاتن الحياة، وتصويراً لمظاهر الطبيعة آنذاك، ففاضت ملكات الشعراء، وجادت مواهب الخطباء بالجيِّد من القول، والرائع من الكلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015