وقد أذكى هذا الاتجاه حدَّة الصراع بين القديم والجديد التي بلغت ذروتها في عالمنا المعاصر، حتى رأينا بعض أنصار الجديد من العرب المسلمين يقولون بإلغاء ذاتية الفن الأدبي ونقده عند العرب، وهم بهذا يشوِّهون شخصية هذه الأمة المسلمة التي يمثّل فيها الفن الأدبي ونقده أحد معالم شخصيتها البارزة.
هذه الأسباب وغيرها بلا شك كانت وراء اختياري لهذا الموضوع الذي سأتناوله الليلة في وقفة متأنية من أجل المراجعة والتقويم، وقفة تبدو فيها الحقائق عارية عن الأهواء، وتظهر الأمور مجردة عن النزعات والشكوك في إطار من الموضوعية الجادة، والشمولية الهادفة.
ولا أدعي - بهذه الوقفة - الإحاطة المستوعبة لجوانب هذا الموضوع المتعددة بل والمتشابكة، ومن ثمّ فإن حديثي إليكم ومعكم سيكون بمثابة أضواء كاشفة على الطريق، هذا وبالله التوفيق.
أيها الإخوة.. أيها الأبناء:
قد يكون من المفيد حقا أن نعرض بشيء من الإيجاز الوافي لحركة النقد الأدبي في الجاهلية، لكي ندرك مدى البعد الذي حققه الإسلام في توجيه الأفراد الذين شكلوا مجتمع الإسلام هم بذواتهم الذين كانوا يصنعون مجتمع الجاهلية، وهنا يبدو أثر الإسلام في إعادة صياغة حياتهم الفكرية والأدبية والنقدية على نحو جديد لم يألفوه ولم يعرفوه.