أما استناد الشيخ في حِلّيِة الغناء على خبر الجاريتين اللتين كانتا تغنيان وتضربان الدف في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا بد من الوقوف عنده قليلا، ذلك لأنّ الناصرين لفنون الغناء كثيرا ما يلوحون به في وجوه المتحفّظين بشأنه، على حين أن الأمر لا يزيد على دفّ وطفلتين، كما حقّق ذلك أولوا العلم من أئمة الحديث.. ومع ذلك فلا شائبة في غناء النساء بالكريم من القول في مثل تلك المناسبات، على أن يظل ذلك في حدود المشروعات، أمّا حين يصل أمر الغناء إلى ما هو عليه الآن فلن يواجه من الشريعة إلاّ الرفض والإنكار، لما يترتب على شيوعه من توهين للعزائم، وتمييع للنفوس، وتعطيل للطاقات، ونشر للتخنث، ومن هنا جاء الحكم برد شهادة المحترف للغناء في القضاء الإسلامي، كما فعل ذلك القاضي المصري الفاضل حين رد شهادة مغنّ، على الرغم من سخط الفنانين ومَن وراءهم - جزاه الله خيراً -..
الدف والمعازف:
ثم احتجاج بعضهم بالدف لإباحة المعازف، على اختلاف أشكالها فمردود بإجماع الأئمة الأربعة على تحريم آلات اللهو جميعا لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه البخاري وغيره: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلُّون الحر والحرير والخمر والمعازف"