فهذا عقبة بن أبي معيط شاهد النبي عليه الصلاة والسلام في حجر الكعبة يصلي فاقبل عليه ووضع ثوبه في عنقه وخنقه خنقاً شديداً، فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه وقال: "أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم".

وكان أبو جهل عدواً لنفسه وعدواً لمحمد عليه الصلاة والسلام, وكان فيه جبروت ولكنه ذليل لا يتماسك أمام رهبة الحق, فكان كلما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعبّد بجوار الكعبة نهاه عن صلاته وعن عبادته, فشاهده مرة يصلي فقال له: ألم أنهك عن صلاتك ها هنا؟ وما كان لمحمد صلى الله عليه وسلم أن ينتهي لنهي أبي جهل ولا أن يعبأ بهذا الغرور الطائش، فأغلظ لأبي جهل في الرد، وحذّره وتهدّده, فعزّ عليه أن سمع أسلوب التهديد, وسرت في نفسه حمية الجاهلية, وخيِّل إليه أنّ ماله وعديده يغني عنه شيئا فقال يا محمد: أتهددني وأنا أعز أهل الوادي نادبا؟

فنزل الوحي بقوله سبحانه وتعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى، عَبْداً إِذَا صَلَّى، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى، أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى} إلى قوله تعالى: {كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [4]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015