قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} الآية. الاستفهام في هذه الآية إنكاري أظلم ممن منع مساجد الله. وقد جاءت آيات أخر يفهم منها خلاف هذا كقوله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً} الآية. وقوله: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ} وقوله: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ..} الآية, إلى غير ذلك من الآيات.

وللجمع بين هذه الآيات أوجه: منها-تخصيص كل موضع بمعنى صلته: أي مساجد الله-ولا أحد من المفترين أظلم ممن افترى على الله كذبا, وإذا تخصصت بصلاتها زال الإشكال.

ومنها-أن التخصيص بالنسبة إلى السبق, أي لما لم يسبقهم أحد إلى مثله حكم عليهم بأنهم أظلم ممن جاء بعدهم سالكا طرقهم وهذا يؤول معناه إلى ما قبله, لأن المراد السبق إلى المانعية والافترائية مثلا.

ومنها-وادعى أبوحيان أنه الصواب, هو ماحاصله أن نفي التفضيل لا يستلزم نفي المساواة, فلم يكن أحد ممن وصف بذلك يزيد على الآخر لأنهم يتساوون في الأظلمية فيصير المعنى: لا أحد أظلم ممن منع مساجد الله ومن افترى على الله كذبا ومن كذب بآيات لله, ولا إشكال في تساوي هؤلاء في الأظلمية ولا يدل على أن أحدهم أظلم من الآخر كما إذا قلت لا أحد أفقه من فلان وفلان مثلا. ذكر هذين الوجهين صاحب الاتقان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015