وبهذا الشمول فهم السلف الصالح العبادة فكانت حياتهم كلها عبادة صلاتهم في المسجد وجهادهم في المعركة وقضاؤهم في المحكمة، وتجارتهم في السوق، وتعليمهم وتعلمهم في المسجد، وصيامهم في رمضان أو غيره، ومعاشرة أهليهم، وقيامهم لربهم، أو نومهم في جوف الليل أو في وضح النهار.
آثار هذا الفهم الشامل
وكان لهذا الفهم العميق الشامل آثاره العظيمة التي حققت الخلافة الشرعية في أرض الله كما أراد الله، شملت تلك الآثار أفراد المسلمين وجماعتهم، محكوميهم وحكوماتهم.
وتتلخص تلك الآثار في أمرين:
الأول: صبغ حياتهم وأعمالهم بالصبغة الربانية، فكانوا مشدودين إلى الله في كل حركاتهم وسكانتهم، فما كانت تفارقهم نية العبادة، ولذلك استكثروا من عبادة الله في كل عمل نافع يأتونه، لأن في ذلك زيادة لرصيدهم عند ربهم في ميزان حسناتهم، فعمروا بذلك الأرض والقلوب، وحققوا ما أراد الله من خلقهم على أكمل وجه.