ومثلا آخر: قرر علماء التجويد قاطبة أن النون في كلمة ((تأمنا)) في قوله تعالى في سورة يوسف {قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ} تقرأ بوجهين لجميع القراء، وهما الروم والإشمام، وقد وضعت في المصحف علامة فوق النون تدل على الإشمام، ولم توضع علامة أخرى تدل على الروم، ولا يستطيع قارئ ما أن يتعلم كيفية النطق بالإشمام أو الروم من المصحف أياً كانت كتابته ورسمه، وليت شعري هل يستطيع قارئ ما أن يتعلم من المصحف كيف ينطق بفاتحة سورة الأعراف ((المص)) أو فاتحة سورة مريم ((كهيعص)) أو فاتحة سورة القصص ((طسم)) أو فاتحة سورة الشورى ((حم عسق)) لعلك توافقني على أن المصحف لا يعلم أحدا النطق الصحيح بشيء من ذلك، وقصارى القول أن من يريد تلاوة القرآن تلاوة صحيحة سليمة مراعى فيها جودة الترتيل، وحسن الأداء، بحيث تكون مطابقة لمقاييس القراءة، وموازين التلاوة التي وضعها أئمة الأداء وشيوخ الإقراء - من يريد قراءة القرآن - القراءة الموعود عليها بعظيم الأجر وجزيل المثوبة - فعليه ألا يعول على المصحف وحده، بل عليه أن يتعلم أحكام التجويد النظرية العلمية ثم يطبقها عملياً بقراءة ختمة من أولها إلى آخرها على أحد الحفاظ الثقات الأثبات المهرة بالقرآن الكريم، المجيدين للتعليم والتلقين، والله وحده الهادي إلى سواء السبيل.