أحد الشيخين: ولعل إخواننا في افريقية لا ينسوننا من مددهم، وهم يعلمون أننا ندافع عن آخر أثر لوجود الإسلام في هذه الأرض.
الملك: تكلم يا أبا القاسم.. فأنت الحاكم العسكري..
أبو القاسم: أما المدد فقد انقطع كل أمل فيه.. إن افريقية مشغولة بحروبها العشائرية. وأسطول الطاغية يسد ثغور الأندلس، وجبال (البشرات) قد ألقت سلاحها بعد أن فني معظم رجالها ولم يبق لكم إلا ما تحت أقدامكم.
الجميع: حسبنا الله..
القاضي: والمؤن ...
أبو القاسم: يكفي أن تعلموا أن الأطفال يهلكون جوعا في أحضان أمهاتهم، وأن الحامية تقاتل على الطوى منذ أمس..
الجميع: الله اكبر.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
(يدخل الحاجب)
الملك: نعم.. نعم.. (للحاكم) يحسن أن تعتذر إليه وتصحبه إلى هنا يا أبا القاسم.
(يخرج الحاكم والحاجب)
الملك: (متهدج الصوت مجيلا عينيه في القاعة) أسفا على ماضيك أيها القصر.. لقد كان رسل الفرنجة ينتظرون أياما حتى يؤذن لهم بتقبيل الأرض وتقديم الهدايا ...
القاضي: كان ذلك في عهد الإيمان والبطولة ...
الملك: شاءت حكمة الله أن ينتهي كل هذا المجد على يدي المشئومتين؟!
الشيخ: ذلك قضاء الله ...
الملك: يا لَهَوَانِي على الله!..
(وقع أقدام من الخارج.. وصوت سلاح..)
الحاجب: الحاكم العسكري ومعه رسول الطاغية ...
(يدخل الرسول بسلاحه، ومعه الحاكم أبو القاسم)
الرسول: السلام عليكم -يتقدم لمصافحتهم بادئا بالملك-
الجميع: -وقوفا- وعليكم السلام.
الملك: (يأخذ بيد الرسول إلى مقعد على يمينه) عذرا أيها السيد لتأخير مواجهتك، فقد أحببت أن تقف بنفسك على جواب المجلس الأعلى.
(الحضور يتهامسون في شأن الرسول)
(الملك يتابع كلامه للرسول) : لقد بعثت فينا فصاحتك نشوة.. فلعلنا تلقاء أخ عربي!.