لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من النظام العادل الموافق للطبيعة البشرية جميعا، فعجبا لهذه المحبة المزعومة ودعوى صاحبها الطويلة العريضة وهو بعيد عنها بعد المشرقين عن المغربين فإنا لله وإنا إليه راجعون، وأما البوصيرى فهو محمد بن سعيد البوصيري الشاعر فلم يكن من أهل العلم ولا البصيرة، وكان يعاني من الكتابة كما حكى ذلك العلامة ابن العماد في شذرات الذهب، والصفدي في الوافي بالوفيات، وابن شاكر الكتبي في فوات الوفيات وغيرهم من أهل العلم رحمهم الله تعالى فماله معروف عندهم وهو صاحب قصيدة البردة وأكثر شعره مخالف لدعوة الكتاب والسنة، وإجماع الأمة، وكانت وفاته في مصر في القرن السابع في بوصير قرية (من قرى مصر) وليست له منزلة علمية كبيرة، فلا بأس أن تشبهوا النبهاني به لأنهما وقفا موقفا واحدا يحاربان دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الدعوة الكريمة التي لأجلها أوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد الأذى من قريش وانجرحت قدماه بالطائف، فهاجر لأجلها من مسقط رأسه صلى الله عليه وسلم مكة المكرمة إلى المدينة المنورة فلقي في سبيل نشرها ما لقي من ألوان المتاعب والمصاعب التي لا نظير لها في تاريخ الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ولأجلها سقطت ثنيتاه في غزوة أحد. وقد يكون حال البوصيري المذكور أحسن بكثير من حال النبهاني الذي ذهب مذهبا بعيدا جدا وقد نقله عنه الشيخ محمود شكري الألوسي في كتابه ((غاية الأماني في الرد على النبهاني)) إذ قال رحمه الله تعالى: "الأمر السابع من تلك الأمور: أن من علم حال النبهاني وما هو عليه من المعرفة، وما يعتقده من العقائد، ويراه من الآراء لم يلتفت إلى ما ذكره في كتابه الذي سماه (شواهد الحق) ولا غيره من هذيانه الصريح، فإن الرجل جاهل كما ستعلمه من رد كتابه هذا سقيم الفهم بأخبار العدول الثقاة، ورواية الصادقين من الرواة، وما نشره من هذيانه، أعدل شاهد على ذلك، وأصح