وأيضا فالصحابة في زمن أبي بكر رضي الله عنه لم يكونوا يتنازعون في مسألة إلا فصلها بينهم أبو بكر وارتفع النزاع بينهم فلا يعرف بينهم في زمانه مسألة واحدة تنازعوا فيها إلا ارتفاع النزاع بينهم بسببه كتنازعهم في وفاته صلى الله عليه وسلم ومدفنه وفي ميراثه وفي تجهيز جيش أسامة وقتال مانعي الزكاة وغير ذلك من المسائل الكبار. بل كان خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم يعلمهم ويقوِّمهم ويبيِّن لهم ما تزول معه الشبهة فلم يكونوا معه يختلفون. وهذا يدل على غاية العلم. وقام مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام الإسلام فلم يُخِل بشيء منه بل دخل الناس من الباب الذي خرجوا منه مع كثرة المخالفين من المرتدين وغيرهم وكثرة الخاذلين فكمل به من علمهم ودينهم ما لا يقاومه فيه أحد حتى قام الدين كما كان - إلى أن قال - وأيضا فعلي بن أبي طالب تعلم من أبي بكر بعض المسائل بخلاف أبي بكر فإنه لم يتعلم من علي بن أبي طالب كما في الحديث المشهور الذي في السنن حديث صلاة التوبة عن علي رضي الله عنه قال: "كنت إذا سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم حديثا ينفعني الله منه بما شاء أن ينفعني فإذا حدثني غيره استحلفته فإذا حلف لي صدقته وحدثني أبي بكر وصدق أبو بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما من مسلم يذنب ذنبا ثم يتوضأ ويحسن الوضوء ويصلي ركعتين ويستغفر الله إلا غفر له".