ذهبنا نبحث عن جامع سالسبوري وعن السيد علي آدم رئيس الجمعية الإسلامية هناك، فبدت لنا مدينة سالسبوري حديثة كبيرة تفوق مدينة نيروبي في كل شيء تقريبا، شوارعها واسعة، وحدائقها كثيرة، وحركة السيارات فيها عظيمة، وعماراتها ضخمة ولكن دون الحد الذي يخرجها عن الجمال، أما متجرها فهي غاصة بالسلع المختلفة. وأما نظافتها فتكاد تبلغ حد الإسراف، شيء لم أراه في أية مدينة أخرى في إفريقية، والواقع أنه يمكن القول - بحق - إنها مدينة أوروبية في إفريقية، لأنه ليس للإفريقيين فيها أي نصيب إلا أن يكونوا من زبائن المحلات التجارية.
أما سكانها الأوروبيون فيظهر عليهم الثراء والنعمة، وأما الإفريقيون فإنهم في لباسهم ومظهرهم الصحي فوق مستوى كثير من الإفريقيين في البلاد الإفريقية التي مررنا بها.
إلا أنهم مع ذلك تبدو عليهم المسكنة وعدم الشعور بأنهم في مستوى الآخرين من غير الإفريقيين، ولاشك أن ذلك ناشئ عن السياسة العنصرية التي كانت ولا تزال سائدة في تلك البلاد وإن يكن أقل تطرفا من السياسة المتبعة في جنوب إفريقية.
وعندما رأيت مدينة سالسبوري بهذه المثابة من الثراء والحركة التجارية العظيمة لم أستطع أن أصدق بأن روديسية تعاني حصارا اقتصاديا، حتى السيارات تسمع لها جلبة عظيمة لكثرتها وتنوعها فأين الحصار الاقتصادي الذي يشمل القيود العظيمة على إرسال النفط وغيره إليها. لاشك أن ذلك الحصار ليس فعلا والسبب في ذلك هو جمهورية جنوب أفريقية (الباب الخلفي) لروديسية أو (باك دور) كما يقول الأوروبيون، فجميع احتياجات روديسية تأتي عن طريق ذلك الباب الخلفي لأن حكومة جنوب إفريقية أكثر عراقة في سياسة التمييز العنصري ولذلك فإنه لا يعقل أن تطبق العقوبات الإقتصادية المفروضة على روديسية كما أن روديسية تجد متنفسا في مستعمرة موزنبيق المجاورة فعن طريقها تصدّر كثيرا من بضائعها وتستورد بعضها.