ومن حدة المفاجأة حدث شعور يستحيل منعه، وإلا لنفذ فيهم حكم التولي عند الزحف، ولحرموا من شرف الجهاد وبعد ذلك مع الرسول، كما حدث في نحو فرقة ابن أبي في قوله تعالى لنبيه: {فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوّاً} وعفا عن كل الأحديين أيضاً بقوله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} ، وبعض ما كسبوا، عندما لم يوافقوا نبيهم على التدرع بالمدينة ولما ترك أكثر الرماة مكانهم، فكان الدرس وكان العفو بعده، ومما عجبت له ترديد كثير ممن كتبوا عن هذه الغزوة أن المسلمين فيها أخذ يقتل بعضهم بعضاً لما اختلط الحابل بالنابل، وإذا بي يزداد عجبي بعد بحث، أنه لم يقتل خطأ يومها بأيدي المسلمين إلا واحد وهو (حسيل بن جابر) والد حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما، وفي ذلك تقول عائشة: "لما كان يوم أحد هزم المشركون هزيمة بينة، فصاح إبليس أي عباد الله أخراكم، فرجعت أولاهم فاجتلدت مع أخراهم، فنظر حذيفة فإذا هو بأبيه، فنادى، أي عباد الله، أبي، أبي، قالت: فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه، فقال حذيفة، يغفر الله لكم "رواه البخاري.