وبعد: فهذه نصيحة كتبتها إلى إخواني في الله أهل الصدق والصفاء والإخلاص والوفاء لما تعين على من محبتهم في الله ونصيحتهم في صفات الله عز وجل فإن المرء لا يكمل إيمانه حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه وفي الصحيح عن جرير بن عبد الله البجلي قال: "بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم". وعن تميم الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدين النصيحة ثلاثاً قيل لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم". أعرفهم أيدهم الله تعالى بتأييده ووفقهم لطاعته ومزيده أنني كنت برهة من الدهر متحيراً في ثلاث مسائل، مسألة الصفات، ومسألة الفوقية، ومسألة الحرف والصوت في القرآن المجيد وكنت متحيراً في الأقوال المختلفة الموجودة في كتب أهل العصر في جميع ذلك من تأويل الصفات وتحريفها أو إمرارها والوقوف فيها أو إثباتها بلا تأويل ولا تعطيل ولا تشبيه ولا تمثيل، فأجد النصوص في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ناطقة منبئة بحقائق هذه الصفات وكذلك في إثبات العلو والفوقية وكذلك في الحرف والصوت ثم أجد المتأخرين من المتكلمين في كتبهم منهم من يؤول الاستوى بالقهر والاستيلاء ويؤول النول بنزول الأمر ويؤول اليدين بالقدرتين أو النعمتين، ويؤول القدم بقدم صدق عند ربهم وأمثال ذلك ثم أجدهم مع ذلك يجعلون كلام الله تعالى معنى قائماً بالذات بلا حرف ولا صوت ويجعلون هذه الحروف عبارة عن ذلك المعنى القائم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015