أضف إلى ذلك فقرا مدقعا يعم أمة تتحكم في مصادر الثروة في العالم تقريب. ومن هذه النوافذ الكبرى والفجوات الواسعة في حياة المسلمين تسرب المبشرون إلى بلادهم ثم إلى قلوبهم وأفكارهم وكان ذلك الانقلاب الهائل في حياة المسلمين على أيدي المثقفين من أبنائهم الذين ربوا في محاضن التبشير وغذوا بألبانهم الفاسدة المصبوغة بصبغة العلم والمعرفة، ذلك الانقلاب الذي يتجسد في جماهير المثقفين المرتدين من أبناء المسلمين المتنكرين لدينهم ولتاريخهم ولتراثهم الفكري والعلمي والقابلين أن يتنازلوا عن مكانتهم في التاريخ ومركزهم في العالم وأن يسيروا في ذنب القافلة يقلدون غيرهم ويحكون أقوالهم وأعمالهم بعد أن كانوا ممسكين بقيادة الإنسانية يوجهونها وجهة الخير بإذن الله.
ولكن المبشرين لم يحملوا إلى بلاد المسلمين شيئا يفتقرون إليه ولا يجدونه عندهم فما هو المعنى الجديد الذي جاء به المبشرون ولم يجدوا لدى المسلمين ما هو أفضل منه؟
ما هو المثل الأعلى الذي آتو به ولم يجدوا عند المسلمين أكرم منه وأمثل؟ ما هي القيم الدينية والخلقية التي أتوا بها ووجدوا المسلمين أفقر وأحوج إليها منهم، أجل لقد أتوا بالوسائل العلمية الجديدة وأتوا بمبتكرات حديثة في الميدان المادي الخالص، وببعض أنواع العلوم العصرية التي كانوا يستخدمونها في الحقيقة كستار وحجاب يستر غرضهم الأساسي وهدفهم الحقيقي وهو التمكين لأنفسهم ولأفكارهم في بلاد المسلمين وذلك بمحاربة الإسلام في نفوس أبنائه بأساليبهم الملتوية الماكرة.