{وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} (البقرة: من الآية70) لما اهتدوا إليها ولركبهم شيطان السخف والغرور وقادهم إلى الجحيم.
شاء الله سبحانه وتعالى وبعد هذا كله أن يخرج من صلب إبراهيم وإسحاق ويعقوب أناسا طيبين، فبعد أن هلك الجيل الذي عاش الذل والهوان أيام فرعون في تيه صحراء سيناء والعقبة، نشأ جيل الصحراء من بني إسرائيل في بيئة الحرية القاسية، فطلبوا من نبي لهم من بعد موت موسى عليه السلام في ساعة من ساعات النشاط وصفاء الذهن أن يبعث لهم ملكا للجهاد في سبيل الله؛ فانظر إلى التباين بين بيئة الحضارة التي تخرج نفوسا ذليلة وبيئة الحرية في الصحراء القاسية:
فقال لهم نبيهم والأرجح أنه يوشع بن نون: {إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً} (البقرة: من الآية247.
وهنا تبرز العقلية اليهودية الفاشلة، عقلية اتباع الهوى والأنانية والتعبد للمال، وناقشوا نبيهم برفض طالوت لفقره، وأنهم أفضل منه، فبين الله لهم أنه أفضلهم وأعظمهم جسما "البقرة 247وما بعدها"ومع ذلك لم يقبلوه ملكا عليهم حتى أيده الله بمعجزة؛ إذ أرجعت الملائكة توراة موسى عليه السلام في تابوت، وكانت كما قيل مسروقة.
ويمرون في طريقهم بنهر الأردن وينهاهم ملكهم العالم المجرب لأمور القتال، ينهاهم أن يسرفوا في شرب الماء، لأن ذلك مدعاة إلى البطنة والكظة والترهل، ثم الفتور والتكاسل، فعصوا أوامر الملك ووقعوا في الماء شربا وعبا إلا قليلا منهم، ووقع ما حذرهم منه ملكهم، وقالوا لا طاقة لنا اليوم بحرب الأعداء "سورة البقرة 248-250"ولكن الله نصر الفئة القليلة المؤمنة الصابرة منهم، واستطاع داود عليه السلام أن يقتل ملك الأعداء ويفتح البلاد، وأتاه الله الملك والنبوة والرسالة.