أما جبنهم فإن الآيات القرآنية الآتية تسجله عليهم بأوضح بيان في نقاش معهم: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ} (المائدة:21،22) إلى أن قال: {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} (المائدة:24) . وفي آخر آية 26حرم الله دخولها عليهم أربعين سنة تاهوا في سيناء، وهيأ الله لهم الغمام يظلهم، والمن والسلوى طعامهم، فسئموها وطلبوا القثاء والفوم والعدس والبصل… فدخلوا العقبة "أيلة"ومات عليه السلام في هذه الفترة ولم يدخل فلسطين. وما أصدق قول الشاعر العربي الأبي الحارث بن حلزة البشكري:

لا يقيم العزيز في البلد السهل

ولا ينفع الذليل النجاء

فهذه قصة أرض الميعاد أمرهم الله بدخولها ومعهم نبيهم موسى عليه السلام فرفضوا الأوامر ولفظوها وتطاولوا بسوء أدبهم على الله، وسلكوا مسلك الأطفال المدللين العاجزين. وأما ترددهم وضعف الرأي عندهم، وتفاهة تفكيرهم وسطحيته ووقاحتهم، فيبدو عند كل أمر إلهي أو تشريع سماوي، إذ يقابلونه بالإهمال وعدم الاكتراث وقلة المبالاة، بل يقولون {سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} (البقرة: من الآية93) .

حدثت جريمة قتل في عهد موسى وجهل القاتل، فأوحى الله إلى موسى أن يأمر قومه بذبح بقرة ليضربوا الميت بها فيحييه الله ويفضح قاتله، فاستهان بنو إسرائيل بهذا الأمر، وطفقوا يسألون أسئلة عن البقرة لو صدرت من طفل دون الاحتلام لأتهم بالحماقة وضعف البصيرة والوقاحة وسوء الأدب: ما لون البقرة؟ وما نوعها؟ ما طبيعتها؟ ولولا أن بعضهم قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015