ولا يخلو المجتمع الإسلامي من أعداء فيه ينتسبون إلى الإسلام وهم يبطنون الكفر ويتربصون بالمسلمين الدوائر. وهؤلاء تكشفهم الأحداث التي تحيق بالمسلمين فيسفرون عن وجوههم كالحة كلما زحفت إلينا الأخطار وأحاط بنا الأعداء، فيمسون الأعوان لهم واليد الحذاء بالتآمر معهم، ولكن لا ينكر المسلمون منهم شيئا في الأمن والسلم فهم يشعرونهم أن أهدافهم أهداف المسلمين وأمانيهم أماني المسلمين فيطمئنون إليهم في غير موضع اطمئنان إليهم، ويتركون موضع المخافة من غير حراسة فإذا أدلهم الخطب أجهضوا قوة المسلمين إجهاضا. وكان تنبيه القرآن إليهم ملحا وتحذيره منهم كثيرا شديدا. ومما قاله تعالى في صفتهم: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [58] .
ومن أظهر خصائصهم الجبن لما تجن صدورهم من البغضاء للمؤمنين والغدر بهم والخيانة لهم. فهم أكبر مصدر من مصادر الخذلان في الجيش، ولقد رأيناهم يرجعون قبل البدء بالقتال أو المسير إليه في كثير من حروب الرسول صلى الله عليه وسلم فرجعوا عنه في بدر وأحد والأحزاب وتبوك وغيرها يريدون تشكيك المؤمنين وضعضعة معنوياتهم.