الدهشة من اكتشاف أن الدين ليس دينا كهنوتيا كمفهوم الدين لدى الغربيين, وإنما هو نظام دقيق جامع لشؤون الحياة, دنيا وأخرى, لا يرتضي لأتباعه التخلف والجمود والضعف والجهل, وإنما يدعوهم للأخذ بأسباب الحياة بكل ما لهذه الكلمة من معنى.

وسيأخذهم الألم لهذه الغربة التي اكتشفوها في أنفسهم عن الإسلام الذي ينتسبون إليه, وعن هذه القوى المهدورة من جهودهم وأوقاتهم التي ضاعت في غير تثبيت مفاهيم الإسلام في أنفسهم وعن هذا المثل السيئ الذي يعطونه عن المثقف الذي يجهل حقيقة ما يتصل به اتصال نسب وتاريخ وحضارة.

وسيتبين لهم أن الإسلام يريد من أتباعه أن يكونوا متميزين عن غيرهم في كل شيء تميزا لجهة الفضيلة والصلاح, ويريدهم أن يكونوا متفوقين في كل شيء تفوق ارتقاء وسمو في معاني الإنسانية ومفاهيمها.

ويحرص على أن يكون أتباعه روادا للحق ودعاة للخير وأمثلة حية لذلك.

وإن دعوة الإسلام إلى العلم دعوة مفتوحة لا حدود لها [1] إلا فيما لا خير فيه, وإننا لن نجد في غير الإسلام تقديرا للعلم وإشادة بالعلماء كما نجده فيه. وان أبرز ما في هذا الدين الإسلامي أنه لا يحجز العقل والمواهب الأخرى التي يتمتع بها الإنسان عن إن تؤدي وظيفتها على أحسن وجه وأتمه.

وسوف يتحقق لهؤلاء (المخدوعين) بالثقافة الغربية أن الإسلام لا يحول دون الأخذ بالصالح من هذه الثقافة وأن الإسلام لا يدعو أتباعه إلاّ لكل ما هو مفيد ونافع ومثمر.

وسيتبين لهم أن تخلف المسلمين ناشئ عن عدم تفهمهم لتعاليم دينهم وعن عدم أخذهم بالأسباب التي تجعل منهم خير أمة أخرجت للناس.

وأن الحضارة المادية المعاصرة بحاجة إلى الرجل المسلم الذي يرتفع به عن الطريق المنحرف إلى الصراط المستقيم لتؤدي خير ما فيها لبني الإنسان وتحول بينهم وبين شرورها, لأن الوازع الديني والعامل الأخلاقي وفق التعاليم الإسلامية غير متوفر برجالات هذه الحضارة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015