والحقيقة الثاني: أننا لا نصنع نفوسنا بل الله وحده هو الصانع. واسأل معي نفسك لماذا أنت في هذا المكان؟ بينما زميلك فلان في مكان مختلف إلى حد كبير.. ما هي الدعائم التي صنعتها أنت لتكون ما أنت عليه الآن، وقد ننخدع نحن الذين وصلنا إلى جانب من النجاح أننا بذلنا واعتصمنا وجاهدنا وجالدنا.. ولو فرض أن هذا حقيقي. لكن من الذي منحنا التوفيق والسداد.. إن كان الأمر مرجعه إلى الجهاد والجلاد فقد جاهد آخرون وجالدوا ولم يصلوا إلى النجاح. لماذا؟ إن التوفيق لم يصادفهم. انظر بإمعان إلى بعض الأسباب الواهية التي يتسبب عنها تغيير مجرى حياتك: تأخر درجة واحدة بل نصف درجة، بل أحياناً أقل من ذلك تجعلك في كلية أخرى غير الكلية التي وصل إليها زميلك الذي ربما كان أضعف منك فهل من المعقول أن يكون هذا التحول هو معيار التفوق أو ميزان الامتياز بين الناس لا.. ثم لا.. ولكن:

{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} .

والحقيقة الثالثة: أننا نركن إلى أشياء نعتبرها العون، ونعدها للخلاص وأحياناً تكون هذه الأشياء مدخرات مالية، أو عصابات بشرية، أو فلسفات ذهنية، أو تمذهب سياسي، أو تجمع ديني.. ثم نركن إلى هذا منتظرين منها النصر، طالبين العون، ولكن عندما تحين ساعة الاستغاثة نمد أيدينا إلى ما أعددنا فلا نجد ما أعددنا بنافع ولا مغن عنا من قضاء الله شيئاً، إلا أن يشاء الله وحده.

وساعة القضاء يتخلى عنا الأحباب والأصدقاء ويضيع المال، ويندحر الأنصار وتنقلب الأمور ولا نجد شيئاً مما أعددنا.. ثم تظلم الدنيا في وجوهنا ونضيق بكل آفاقها، وتعجز كل إمكانياتنا عن الحل، بل حتى على مجرد الصبر أو الأمل، ولا يبقى أمامنا أي شيء … إلا شيئاً واحداً هو:

"الله وحده ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015