إلى الذين يؤمنون ولكنهم لا يعرفون تكاليف الإيمان، أو يعرفونها ولكنهم لا يعملون. إلى هؤلاء وهؤلاء، إلى سبعمائة مليون مسلم، ومن بينهم مائة مليون عربي حلت بهم فتنة لم تصب الذين ظلموا منهم خاصة … إليهم جميعاً هذا الحديث:
روى جماعة من أهل العلم بتفسير القرآن أن مجلساً ضم طائفة من اليهود والنصارى والمسلمين، فزعم كل فريق منهم أنه أولى الناس بعون الله وتأييده في الدنيا ونعيمه وثوابه في الآخرة: اليهود قالوا: "نحن أتباع موسى الذي اصطفاه الله برسالاته وبكلامه"، والنصارى قالوا: "نحن أتباع عيسى روح الله وكلمته"، والمسلمون قالوا: "نحن أتباع محمد خاتم النبيين، وخير أمة أخرجت للناس"… وشاء الحق تبارك وتعالى أن يفضل بينهم في هذا النزاع وأن يبين لهم أن قاعدة التأييد والجزاء ترتكز على الإيمان والعمل، لا على مجرد التبعية والانتساب فأنزل سبحانه يخاطب المسلمين: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً،وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً} .
إن الإيمان بغير عمل شجر بلا ثمر، ودمية لا حياة فيها ولا حركة … إبليس كان يعلم أن ربه الله وأنه واحد لا شريك له، وكان يعلم أن مصيره إليه يوم يبعثون، ولكن لما صدر إليه الأمر الإلهي بالعمل "اسجد " استكبر وتمرد، قال: "لا"، فلم تشفع له معرفته بوحدانية الله لأن المعرفة المجردة عن معنى الخضوع المطلق لرب العالمين لا وزن لها، ولأن العلم الذي لا يصاحبه العمل لا قيمة له، ولذا كان جزاؤه {فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} .