هذا مع أن المتتبع لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من الآثار الصحيحة يجد أن ذلك وقع بين يديه صلى الله عليه وسلم وأقره فالصحابة اختلفوا في فهم أوامره وأقواله أفهاماً متغايرة فلم يعنف عليهم ولم يوبخهم بل كان يسكت أحياناً ويعينهم على فهم المراد أحياناً وأوضح دليل على ذلك حديث الصلاة في بني قريظة [2] وحديث عدي بن حاتم فقد فَهِم من قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأََبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} ظاهر اللفظ فاتخذ خيطين في وسادته أبيض وأسود فلم يزد صلى الله عليه وسلم على أن قال له: "إن وسادتك إذاً لعريض إنما هو سواد الليل وبياض النهار" [3] .
وإنما ورد عنه صلى الله عليه وسلم التعنيف على من تعرض للاجتهاد بغير علم وأفتى بغير بصيرة ولم يتثبت كما قال صلى الله عليه وسلم في الذين أفتوا المشجوج في رأسه بوجوب الغسل فمات فقال صلى الله عليه وسلم لما بلغه ذلك: "قتلوه قتلهم الله هلا سألوا إذا لم يعلموا إنما شفاء العيّ السؤال" [4] .