وإنّ المطّلع على علوم المسلمين في الكيمياء وشغفهم بدراستها يعلم أنهم هم الذين وضعوا التجربة في علوم الطبيعة، هذا ولم يفصل المسلمون بين المناهج العلمية في أبحاثهم ولكنهم كانوا يستخدمونها حيث يجب أن تستخدم، فلم يقولوا كما قال ديكارت إن المنهج الرياضي يصلح دون غيره لجميع أنواع العلوم، بل آمنوا بكل طريقة وأسلوب يوصل إلى نتائج صحيحة ما دام هذا الأسلوب يتفق مع العقل البشري، ولعلهم عرفوا أن قواعد البحث العلمي يمكن أن يهتدي إليها الباحث عفوا في أثناء محاولته الكشف عن بعض الحقائق، كذلك لم يغفل المسلمون معرفة منهج البحث في التاريخ وربما طبق هذا المنهج على معظم العلوم الإسلامية فعرفوا التحليل والتركيب أي جمع المادة العلمية من الكتب والوثائق والمخطوطات ثم نقدها وتمحيصها، وبيان مدى قيمتها، ثم تحديد الحقائق التي توصل إليها وعرفوا كذلك كيف يصنفون الحقائق الجزئية، واستخدموا الفروض وحاولوا تحقيقها، وعرفوا الصلات بين أجزاء البحث وأبرزوا ما خفي منها، وتحدثوا عن العلل والأسباب، وقد اهتم علماء المسلمين بنقد الرواة وتمحيص طرقهم في النقد وبخاصة ما يتعلق منها بأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد حدد ابن خلدون قواعد البحث في التاريخ والعلوم الإسلامية، وللسخاوي رسالة رائعة بعنوان: (الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ) .
وعن هذه المناهج العربية نقل علماء الغرب مناهجهم وطوّروها وأكثروا من استخدامها.
والخلاصة أن البحث العلمي صار يستخدم الآن من المناهج ما يتفق وطبيعة العلم، فالمنهج الرياضي والمنطق والاستقراء ومنهج علم الاجتماع والمنهج التاريخي هي المناهج العلمية السائدة في العصر الحاضر، وقد رأينا أنها في الأصل مناهج كان يستخدمها المسلمون في عصر مجدهم العلمي.
مصادر يمكن الرجوع إليها:
1- دائرة المعارف الإسلامية.
2- المنطق الوضعي
زكي نجيب محمود.