نقول له: عجبا لك، إذا كان من المقرر أنه يجوز للعلماء حتى في هذا العصر أن يستنبطوا من القرآن الأحكام مع بُعْدِهم عن العصر والمحيط اللذين نزل فيهما، أفمن يجوز هذا لمن نزل عليه القرآن، وأمر بتبيينه مع أنه أفصح أهل اللسان.
ولا يخفى على أحد أن كل الناس ليسوا سواء في الاستعداد والفهم وصفاء الذهن، ولذلك نرى أن القرآن الكريم يقرأه كل أحد، ولكنهم يختلفون في فهم معانيه، فالعالم يفهم منه ما لا يفهمه الجاهل، والعلماء أيضا متفاوتون في الفهم والعلم، وقد أمرنا الله تعالى بالرجوع إلى العلماء بقوله: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} وبيّن اختلاف الناس في درجات الفهم بقوله: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ} .
إذا سلمنا هذين الأمرين، وهو أن الرسول مكلف ببيان القرآن، وأن الناس متفاوتون في الفهم، إذًا فمن أحق ببيان وإيضاح معاني القرآن، والتطبيق العملي لآياته؟ الحق أنه لا يوجد أحق من الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا البيان، هذا البيان الذي سلمنا أن الرسول هو أحق الناس به، هو ما يسمى بالسنة أو الحديث النبوي الشريف، وهذا البيان من الرسول صلى الله عليه وسلم يوحى من الله تعالى كما مرّ في الحديث "ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه" فالرسول أوتي القرآن وبيانه وهو السنة.