أما متأخروهم: فزعموا أن أصل العالم: الجواهر الفردة أو الذرات التي لا نهاية لعددها وحدِّها وهي غير قابلة للتغير والفساد. وهذا هو قول انكساغوراس (?) وديمقريطس (?) وهيرقليطس (?) وأبيقور (?) .

فكل هؤلاء زعموا أن الكون تكون من مادة أزلية أبدية، وهذه المادة كانت دائمة الحركة، وبسبب حركتها الدائمة اصطدم بعضها ببعض فأنتجت من خلال هذا التصادم الوجود (?) .

بيان بطلان قول القائلين بأن أصل العالم مادي:

هذا القول ظاهر منه إنكار ربوبية الله عز وجلوألوهيته بل ظاهر منه إنكار وجوده عز وجل.

وأدلة بطلانه من وجوه:

أولاً: إن اختلافهم وتفاوت أقوالهم في أصل الكون ومبدأ الوجود دليل على بطلان دعاويهم إذ أن التفاوت بين الماء والهواء أو اللامحدود أي الذرات الكثيرة التي لا نهاية لعددها وحدها لا يمكن الخروج منه بقول واحد، فلا بد من أن يتفقوا على شيء واحد لتثبت لهم النتيجة في أصل الكون.

ثانياً: إن هذه دعاوى تخمينية ليست قائمة على أي مبدأ علمي سليم فهم لم يرو من الوجود إلا ما يحيط بهم من الأرض وأنفسهم، فكيف زعموا أن الكون مكون مما ذكروا، مع أن ما لا يرونه وما لا يبصرونه من الكون أوسع وأعظم بملايين المرات مما رأوه، بل ما رأوه لا يعد شيئاً في مقابل ما لم يروه من الكون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015