ولهذا سنذكر في هذه الدراسة قول فلاسفة اليونان عموماً الذين أثبتوا وجود الله عز وجل، وكذلك قول من أنكر وجوده تبارك وتعالى لأن كلا القولين كان له أثر في المسلمين أو في المنتسبين للإسلام، وسنبين بطلان كل مقالة عند ذكرها.
وقبل أن نبدأ بذلك نذكر تعريفا مختصرا للفلسفة والفلاسفة.
أما الفلسفة: فعرفها أرسطو بأنها: البحث عن علل الأشياء ومبادئها الأولى أو هي العلم الذي يبحث في الوجود من حيث هو وجود (?) .
وعرفها ابن رشد (?) بأنها: النظر في الموجودات واعتبارها من جهة دلالتها على الصانع (?) .
وهذان التعريفان خاصان بما نحن بصدده من كلامهم في الله عز وجل لارتباطهما به.
أما الفلاسفة: فهم الذين نظروا في طبائع الأشياء بفكرهم لمعرفة عللها الخفية وراء ظواهرها.
لذا نجد أن الفلاسفة لم يقتصروا على النظر والتفكر فيما هو ظاهر أمام أعينهم من المخلوقات، وإنما راحوا يبحثون فيما وراء ذلك وهو الخالق جل وعلا ويسمون ذلك ما وراء الطبيعة أو الإلهيات (?) .
وقبل أن نذكر قول الفلاسفة في التوحيد نشير إلى أن الفلاسفة ولجوا في هذا العلم بعقولهم المحدودة، ونظرهم القاصر، وقد أدركوا أن كلامهم إنما هو في أمر لا سبيل إلى التحقق منه بالعقول المجردة وإنما هي محاولات لن يصلوا منها إلى نتيجة حاسمة أبداً، فتبقى هكذا محاولات ومقدمات بلا نتائج لهذا قالوا: "إن عالِمَ ما بعد الطبيعة عالِمٌ درج في غير عشه ببحثه عن شيء فوق الحقائق فإذا هو شاعر" (?) .