المقدّمة
الحمد لله رب العالمين، أنزل كتابه الكريم، وتكفل بحفظه ورعايته على مر السنين، فقال عز من قائل: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (?) والصلاة والسلام على رسوله الأمين، محمد سيد الأولين والآخرين، أرسله ليبلغ الناس هذا الذكر ويبينه للعالمين، فقال سبحانه وتعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (?) فكان حفظ القرآن يتضمن حفظ سنة نبيه الأمين وحمايتها من كيد الواضعين وعبث العابثين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فالقرآن والسنة هما مصدران أساسيان لمعرفة العقيدة والشريعة، لا يستغني أحدهما عن الثاني، فإن السنة هي المبينة لمبهم القرآن والمفصلة لمجمله، بل هي في حقيقة الأمر وواقعه تطبيق عملي للقرآن الكريم على يد رسول الإنسانية عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
ولما كانت السنة النبوية قد وصلت إلى درجة عالية في الكمال والشمول وخلت أقواله صلى الله عليه وسلم وأفعاله من كل ما يكدر الرسالة أو يشوه الصورة الصافية لمكانة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم, فقد أغاظ هذا أعداء الدين من أولئك الذين آمنوا باللسان وكفروا بالقلوب.. فدسوا في الخفاء أحاديث مكذوبة وضعوها على النبي صلى الله عليه وسلم, آملين أن تختلط بالثابت عنه، وساعدتهم على الوضع ظروف أحاطت بالأمة الإسلامية في بعض فتراتها, من خلافات سياسية وجهل بالدين وأهدافه ومراميه إلى غير ذلك من الظروف التي تراكمت فأوجدت ركاماً من نزيف الأفكار وقيحها, وألصقت بالرسول صلى الله عليه وسلم زوراً وبهتاناً, فأوجدت رد فعل من جانب العلماء المسلمين, لكن.. بعد أن خلَّفت آثاراً سلبية في الأمة, ولا زالت تعاني من مخلفاتها في العصر الحديث!