قدم على رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وآله وهو بمكة نحو من عشرين نصرانياً من الحبشة وقيل: من نجران، فوجدوه في المسجد فجلسوا إليه وكلموه وسألوه، ورجال من قريش في أنديتهم حول الكعبة، فدعاهم رسول -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى الله عز وجل، وتلا عليهم القرآن ففاضت أعينهم من الدمع واستجابوا إلى الله وآمنوا به وصدقوه وعرفوا منه ما كان يوصف لهم في الإنجيل من أمره.
وفيهم نزل قوله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} .
وأنزل عليه السلام وفد ثقيف في المسجد.
وعند البخاري عن أنس بن مالك: قدم رهط من عكل على النبي صلوات الله عليه وآله فكانوا في صفة المسجد النبوي.
والمسجد دار ضيافة ففيه أضاف عليه الصلاة والسلام وفد ثقيف وعشيرة عكل كما مر آنفاً.
والمسجد ملجأ للفقراء فكانوا يسكنون الصفة من المسجد النبوي، والصفة موضع مظلل في المسجد كانت تأوي إليه المساكين.
وعند البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه رأيت سبعين من أصحاب الصفة ما منهم رجل عليه رداء إما إزار وإما كساء قد ربطوه في أعناقهم، فمنها ما يبلغ نصف الساقين، ومنها ما يبلغ الكعبين فيجمعه بيده كراهية أن تُرى عورته.
والمسجد مطعم للمساكين كان يقصده المحسنون بالطعام والتمور ليأكل منها المحتاجون والمعوزون.