والمسجد معتقل للأسرى والخاطئين. في الصحيح بعث -صلى الله عليه وآله وسلم- خيلاً قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له: ثمامة بن أُثال فربطوه بسارية من سواري المسجد وكان يمر به ثلاثة أيام في كل يوم يقول له: ما عندك يا ثمامة فيجيب: إن تقتل تقتل ذا دم وإن تطلق تمنن على شاكر فقال -صلى الله عليه وآله وسلم-: أطلقوا ثمامة فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله.
وأبو لبابة بن عبد المنذر الأنصاري ربط نفسه في عمود من المسجد النبوي تأديباً لنفسه حين استشارته بنو قريظة وهم محاصرون من النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في أن يستسلموا فأشار بيده إلى حلقه: وأنه الذبح. وقال حين ربط نفسه: لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله عليّ مما صنعت. فقال عنه عليه السلام:"لو جاءني لاستغفرت له فأما إذ فعل ما فعل فما أنا بمطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه".
وبعد ست ليال من ربط نفسه في سارية المسجد نزل قوله تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .
فبشرته أم المؤمنين أم سلمة بذلك سحراً بعد الأذن النبوي وحاول ناس أن يفكوا رباطه فقال: لا. حتى يطلقني رسول الله بيده. فلما مر عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام خارجاً إلى صلاة الصبح أطلقه.
والمسجد دار للوفود ومثابة لهم مسلمين وغير مسلمين.