وقال ابن عقيل: فتحها مع الفعل لغة عكل وبلعنبر، واستشهد بقراءة ابن جبير أيضًا.
بعد هذا العرض يتضح أن للعرب في اللام الجارة لغير ياء المتكلم والمستغاث ثلاث لغات:
الأولى: فتحها مع المضمر وكسرها مع الظاهر، وهي اللغة الفصحى.
الثانية: كسرها مطلقًا مع الظاهر والمضمر، وهي لغة خزاعة، وتعزى كذلك إلى قضاعة.
الثالثة: فتحها مطلقًا مع الظاهر والمضمر، وهي لغة لبعض العرب، وعزيت مع الفعل لعكل وبلعنبر.
وحكم ابن جني على هاتين الأخيرتين بالشذوذ الذي لا يقاس عليه، ولكنه عاد فجوزهما بضرب من التأويل والتعليل، فقال: "إذا رُدّت في بعض المواضع إلى ضرب من التأوّل إليه فله وجه من القياس. وأما الكسر ففرع، والحمل على الأصول أجوز من النزول إلى الفروع. ووجه جوازه أنه لما شُبه المظهر بالمضمر في فتح لام الجر معه نحو قراءة سعيد بن جبير وغيرها، كذلك شُبه المضمر بالمظهر في كسر لام الجر معه".
ولا تزال لغة خزاعة شائعة إلى اليوم في بعض الحواضر المصرية، وسمعتها من أهل السراة بكسر لام الجر مع كاف المخاطبة فقط.
الخاتمة
عرض هذا البحث لظاهرة الإبدال في لغات الأزد، وقد اقتضت خطته أن يكون في مقدمة وتمهيد وفصلين، تحت كل منهما مبحثان، يليهما خاتمة وثلاثة فهارس.
وقد انتهى البحث إلى عدد من النتائج والمقترحات أذكر منها ما يلي:
1- أن بعض لغات الأزد التي ذمها اللغويون كالاستنطاء والطمطمانية، قد ورد لها شواهد من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه فلا ينبغي ذمها، ولا العيب على من تكلم بها اليوم.
2- أثبت البحث أن الاستنطاء لم يرد له شاهد آخر غير الفعل (أنطى) ومن ثم بين خطأ قول بعض المعاصرين: إن اللغويين القدامى لم يصفوا لنا هذه الظاهرة على حقيقتها.
3- أثبت البحث خطأ من تشكك في الحديث المعزو للرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ليس من امبر امصيام في امسفر".