ولا تزال هذه الظاهرة شائعة في كثير من لهجاتنا العربية المعاصرة، في النجدية، والمصرية، وبعض لهجات أهل السراة.
وإذا كان المتقدمون يرون أصالة الفتح، كما تقدم في قول سيبويه وابن سيده. فإن المعاصرين على خلاف في ذلك، فبعضهم يرى رأي المتقدمين، وبعضهم يرى أصالة الكسر وحداثة الفتح.
فممن يرى أصالة الفتح من المعاصرين الدكتور إبراهيم أنيس، حيث يقول: "نرجح أن الأصل في شكل حروف المضارعة هو ما شاع في لهجات الحجاز من الفتح في كل الحالات. وقد انحدر هذا الأصل إلى هذه اللهجات من السامية الأولى، ثم تطور إلى كسر في معظم اللغات السامية".
ويذهب الدكتور رمضان عبد التواب إلى أصالة الكسر في أحرف المضارعة في العربية القديمة، ويحتج لذلك بدليل عدم وجود الفتح في اللغات السامية الأخرى كالعبرية والسريانية والحبشية. وبدليل ما بقي من الكسر في بعض اللهجات العربية القديمة، واستمراره حتى الآن في اللهجات العربية الحديثة.
ولم تكن أدلته هذه محل تسليم الباحثين، فقد نُقض دليله الأول - وهو عدم وجود الفتح في الساميات القديمة - بأن العربية هي اللغة السامية التي بقيت في الجزيرة بعد هجرة أخواتها الساميات، فالفتح ليس حادثًا فيها بل إنه الأصل، والكسر هو الذي حدث بعد اختلاط الساميين بغيرهم.
ويؤكد هذا قول الدكتور جاكوب بارت: إن كسر حروف المضارعة في الساميات القديمة طارئ عليها، وليس أصلاً فيها، إذ إنه انتقل في اللغتين العبرية والسريانية من وزن فعِل يفعَل إلى الأوزان الأخرى، فصارت كلها مكسورة أحرف المضارعة إلا في اللغة العربية، في الأفعال الحلقية الفاء والجوفاء والمضعفة، فقد بقيت فيها حروف المضارعة مفتوحة.