قال ابن فارس في مادة (فكه) : "الفاء والكاف والهاء أصل صحيح يدل على طيب واستطابة، من ذلك الرجل الفكه: الطيب النفس … فأما التفكّه في قوله تعالى: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} (?) فليس من هذا، وهو من باب الإبدال، والأصل تفكّنون، وهو من التندم" (?) .
وجاء في تهذيب اللغة: "قال اللحياني: "أزد شنوءة يقولون: يتفكّهون، وتميم تقول: يتفكّنون. وقال مجاهد في قوله: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} أي: تعجّبون. وقال عكرمة: تندمون. وقال ابن الأعرابي: تفكّهت وتفكّنت، أي: تندمت" (?) . وقال ثعلب في أماليه: "أزد شنوءة يقولون: تفكّهون، وتميم يقولون: تفكّنون، بمعنى: تعجبون" (?) . وقال أبو الطيب اللغوي: "يقال: تركته متفكنًا ومتفكهًا، أي: متندمًا. وفي التنزيل: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} أي: تندمون، وهو بالهاء لغة أزد شنوءة وبالنون لغة تميم" (?) .
وقد عزيت بالنون إلى عُكْل أيضًا (?) ، وهم أخوة بني تميم (?) .
وقد قرأ الجمهور {تَفَكَّهُونَ} بالهاء، وقرأ أبو حرام العكلي (تفكّنون) بالنون (?) . قال ابن خالويه: "تفكّن: تندّم، وتفكّه: تعجّب" (?) وفسرهما ابن السكيت بالتندّم (?) .
وقال الكسائي: "تفكه من الأضداد، تقول العرب: تفكّهت بمعنى تنعّمت، وتفكّهت بمعنى حزنت" (?) .
يتضح من هذا العرض اختلاف العلماء في تفسير هاتين الصيغتين، فمرة تُفسر (تفكّهون) بـ (تعجّبون) وتفسر الأخرى بـ (تندّمون) كما فسرت الصيغتان مرة بـ (تعجّبون) وأخرى بـ (تندّمون) على أنهما من الأضداد ويتعاقبان على البدل.