ويخطئ بعض الآباء من ترديد كلمة نحن أعلم بمصلحتها –لا شك– أن الأب يفوق ابنته في الخبرة، وطول التجربة في الحياة، ومعرفة الرجال ولكن على الرغم من ذلك يجب عليه أن لا يحيد عن تعاليم الإسلام، ولا يجبر ابنته على رجل تكرهه بل عليه أن يستأذنها ويعرف رأيها قبل إجراء عقد النكاح، وفي ذلك خير كبير حيث تشعر البنت بكيانها وأهميتها وتبدى رأيها في الرجل الذي ستنتقل إلى بيته وهو أدعى لدوام السعادة والوفاق لاقتناع كل من الطرفين بصاحبه فالزوج أباح له الإسلام النظر إلى من ينوى نكاحها، وهي كذلك تراه وتستشار في الموافقة على إجراء العقد وهذه من عظمة ديننا الإسلامي الحنيف.
والصداق في الزواج حق من حقوق الزوجة يدفعه لها الزوج قال الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [53] في هذه الآية الكريمة يأمر الله تعالى المؤمنين بأن يعطوا النساء مهورهن فريضة منه تعالى فرضها على الرجل لامرأته، فلا يحل له ولا لغيره أن يأخذ منه شيئاً إلا برضى الزوجة [54] ، والنحلة في كلام العرب الواجب ولا تنكح المرأة إلا بشيء واجب لها، ويجب على الرجل دفع الصداق إلى المرأة حتماً، وأن يكون طيب النفس بذلك [55] .
وليس هناك حدٌ في أقل الصداق وأكثره، ويصح فيه أن يكون شيئاً يسيراً جداً بكل ما يتراضى عليه الزوجان، أو من له ولاية العقد وإن لم يكن عيناً كالمال والذهب ونحوه، فقد يكون الصداق خدمة، كقصة موسى عليه السلام مع صاحب مدين، وقد يكون تعليماً فقد، ورد في الحديث المتفق عليه: "أن امرأة جاءت إلى رسول –صلى الله عليه وسلم- فقالت: "يا رسول الله جئت لأهب لك نفسي"، فنظر إليها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فصعد النظر إليها وصوبه، ثم طأطأ رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئاً جلست، فقام رجل من أصحابه فقال: