فأما إذا كان بمقابلة كل مسلم أكثر من مشركين فيجوز أن يولي ظهره فراراً (?) .
روي أن خالد بن الوليد ردّ الجيش من حرب مؤتة لكثرة العدو، فقال: الناس هم الفرارون فقال النبي صلى الله عليه وسلم بل هم الكرارون.
ثم إن غلب على ظنهم أنهم لا يهلكون فالأفضل أن يثبتوا، وإن غلب على ظنهم أنهم يهلكون ففيه وجهان:
أحدهما: يلزمهم أن ينصرفوا لقوله تعالى: {وَلا تُلّقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلى الَتّهلُكَةِ} (?) .
والثاني: يستحب أن ينصرفوا ولا يلزمهم، لأنهم إن قتلوا فازوا بالشهادة.
وإن كان بمقابلة كل مسلم أقل من مشركين ولكنه مريض أولم يكن له سلاح فله أن يولي ظهره، وكذلك لو مات فرسه، ولا يمكنه أن يقاتل راجلاً له أن يرجع لأنه لا يجوز أن يستسلم للقتل.
ولو لقي رجل من المسلمين رجلين من المشركين في غير الحرب فإن طلباه ولم يطلبهما فله أن يولي عنهما، لأنه غير متأهب للقتال وإن طلبهما ولم يطلباه فيه وجهان:
أحدهما: له أن يولي لأن فرض الجهاد في الجماعة.
والثاني لا يجوز أن يولي؛ لأنه مجاهد كما لو كان مع الجماعة، وإن كان الكفار في حصن جاز للإمام نصب المنجنيق عليهم، ويجوز أن يفعل أينما كانوا ما يعممهم بالهلاك من التحريق والتغريق. وإن كان فيهم نساؤهم وذراريهم فإن النبي صلى الله عليه وسلم شن الغارة على بني المصطلق وأمر بالبيات (?) والتحريق ونصب المنجنيق على أهل الطائف.