فلعل من نافلة القول ومكرور الكلام أن يقال: إن التوحيد وإفراد الله بجميع أنواع العبادة أساس دعوة الأنبياء والمرسلين فما من نبي بُعث في قومه إلا أمرهم به ودعاهم إليه كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} (?) ، وهو مفتتح دعوة الأنبياء والمرسلين، فكل منهم قال لقومه: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} ، والمتتبع لكتاب الله الكريم يجد هذا واضحاً فيه غاية الوضوح، كما أنه كان من أعظم ما اعتنى به نبينا الأمين صلى الله عليه وسلم حيث مكث في مكة ثلاثة عشر عاماً يركز ويكرر ويؤكد الدعوة إلى هذا التوحيد، ثم بعد هجرته كان ينافح ويدافع ويزيل العقبات التي تعترض طريقه حتى يُبَلَّغ ما أوحى الله به ويدخل الناس بهذا التوحيد إلى الدين الذي ارتضاه الله لهم، ووضع القواعد اللازمة لصيانته، وقضى على كل وسيلة مفضية إلى الإخلال به، وسدَّ كل ذريعة يمكن أن تؤدى إلى شائبة فيه – كما سيتضح من خلال هذا البحث – إن شاء الله تعالى – وهذا من كمال الشريعة ومقاصدها الحميدة0