يتسامى إلى ابن هشام جماعة كثيرة وعتهم (بغية الوعاة) في طبقات اللغويين والنحاة اشتهر من بينهم تسعة المترجم له واسطة عقدهم غير منازع لما جبل عليه من مواهب وتوافر لديه من مناقب جعلته في علوم العربية عامة وفنون الأدب خاصة صاحب البحر المسجور والروض الممطور إلى ما تطامن له في اللغويات وبلغ الغاية فيه من الشواهد النحوية وتخريجها وفق القراءات السبعة وخطها بيمينه بأحرف من نور في كتاب مسطور هو بحق كما قال فيه الكرام الكاتبون كالشهاب الخفاجي في حاشيته، وابن خلدون في غير موضع من مقدمته.
قال الخفاجي:
مغنى اللبيب جنة
أبوابها ثمانية
أما تراها وهي لا
تسمع فيها لاغية
وقد أخذه من قول العلامة الأمير في شرحه على (مغنى اللبيب)
ألا إنما مغنى اللبيب مصنف
جليل به النحوي يحوي أمانيه
وما هو إلا جنة قد تزخرفت
ألا تنظر الأبواب فيه ثمانية
وقال التاريخ المحقق بعد البيان المتدفق لابن خلدون:
ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية يقال له ابن هشام أنحى من سيبويه وقديما قيل:
إنما يقدر الكرام كريم
ويقيم الرجال وزن الرجال
حقا لقد كان ابن هشام موسوعة مطبوعة في البحث العميق والتحليل الدقيق ختمت به دولة المجتهدين في النحو ومن جاء بعده من فحول العلماء أما شارح لكلامه أو ناقل عنه وعن غيره شاهد له بطول الباع ورسوخ الأقدام وليس نبوغه وقفا على النحو بل وصل إلى الأعماق في كل ما يمت إليه من أدب ولغة وقراءات.
وكان من الفنون بحيث يقضى
له في كل فن بالجميع
وكأن الله تعالت آلاؤه وجلت نعماؤه قد أدخر للغة قرآنه وتوجيه بيانه من الراسخين في العلم الملهمين في الفهم من يستوعب لغة الضاد أصولها وفروعها معنيا بها موغلا فيها متوفرا على أجلها.
وإذا أردت من العلوم أجلها