لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [18] كل هذا دعاني لأن أجمعكم في هذا المكان لتذكروا.
أولاً: ما أنعم الله به علينا، فنرى ما يجب عمله لشكران هذه النعمة.
ثانياً: لأمر بدا في نفسي وهو أني خشيت أن يكون في صدر أحد شيىء يشكوه مني أو أحد من نوابي وأمرائي بإساءة كانت عليه، أو يمنعه حقاً من حقوقه، فأردت أن أعرف ذلك منكم، لأخرج أمام الله بمعذرة من ذلك، وأكون قد أديت ما عليّ من واجب.
ثالثاً: لأسألكم عما في خواطركم، وما لديكم من الأراء مما ترونه يصلحكم في أمر دينكم ودنياكم.
أيها الإخوان إن القوة لله جميعاً، وكلكم يذكر أنني يوم خرجت عليكم كنتم فرقاً وأحزاباً، يقتل بعضكم بعضاً، وينهب بعضكم بعضاً وجميع ولاة أمركم من عربي أو أجنبي كانوا يدسون لكم الدسائس، لتفريق كلمتكم، وإضعاف قوتكم لذهاب أمركم، ويوم خرجت كنت محل الضعف، وليس لي من عضد ومساعد إلا الله وحده، ولا أملك من القوة إلا أربعين رجلاً تعلمونهم، ولا أريد أن أقص عليكم ما من الله به عليّ من فتوح، ولا بما فعلت من أعمال معكم كانت لخيركم، لأن تاريخ ذلك منقوش في صدر كل واحد منكم وأنتم تعلمونه جميعاً، وكما قيل السيرة تبين السريرة. إنني لم أجمعكم اليوم خوفاً أو رهبة من أحد منكم، فقد كنت وحدي قبل ذلك، وليس لي مساعد إلا الله، فما باليت الجموع، والله هو الذي نصرني، إنما جمعتكم كما قلت لكم خوفاً من ربي، ومخافة من نفسي أن يصيبها زهو أو استكبار، جمعتكم هنا لأمر واحد، ولا أجيز لأحد أن يتكلم هنا في غيره، ذلك هو النظر في أمر شخصي وحدي، فيجب أن تجتنبوا في هذا المجلس الشذوذ عن هذا الموضوع، أما الأشياء الخارجية عن هذا، فسأعين لكم اجتماعات خاصة وعامة للنظر فيها.