الدنيا, وبيّن أن ذلك الإنصاف التام علة لعدم التعذيب, فلو عذب إنسانا واحدا من غير إنذار لاختلت تلك الحكمة ولثبتت لذلك المعذب الحجة التي بعث الله الرسل لقطعها كما صرح به في قوله: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} وهذه الحجة بيّنها في سورة طه بقوله: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ} الآية, وأشار لها في سورة القصص بقوله: {وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ} إلى قوله: {وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} , وهذا الاعتراض الأخير يجري على الخلاف في النقض هل هو قادح في العلة أو تخصيص لها؟ وهو اختلاف كثير معروف في الأصول عقده في مراقي السعود بقوله: - في تعداد القوادح في الدليل -:
منها وجود الوصف دون الحكم
سماه بالنقض وعاة العلم
والأكثرون عندهم لا يقدح
بل هو تخصيص وذا مصحح
وقد روى عن مالك تخصيص
إن يك الاستنباط لا التنصيص
وعكس هذا قد رآه البعض
ومنتقى ذي الاختصار النقض
إن لم تكن منصوصة بظاهر
وليس فيما استنبطت بضائر
إن جاء لفقد الشرط أو لما منع
والوفق في مثل العرايا قد وقع