ويقول ـ رحمه الله ـ في إحدى خطبه التي ألقاها في القصر الملكي بمكة المكرمة في أول ذي الحجة عام 1347هـ: "إن المسلمين بخير إذا اتفقوا، وعملوا بكتاب الله وسنة رسوله، ليتقدم المسلمون للعمل بذلك، فيتفقون فيما بينهم على العمل بكتاب الله وسنة نبيه وبما جاء فيهما، والدعوة إلى التوحيد الخالص، فإنني حينئذ أتقدم إليهم فأسير وإياهم جنباً إلى جنب في كل عمل يعملونه، وفي كل حركة يقومون بها ... ، والله إنني لا أحب الملك وأبهته ولا أبغي إلا مرضاة الله والدعوة إلى التوحيد ... ، ليتعاهد المسلمون فيما بينهم على التمسك بذلك، وليتفقوا فإنني أسير وقتئذ معهم لا بصفة ملك أو أمير أو زعيم، بل بصفة خادم، أسير معهم أنا وأسرتي وجيشي وبنو قومي، والله على ما أقول شهيد، وهو خير الشاهدين".
ما أروع هذه الكلمات التي تؤكد عظم الإيمان في النفس البشرية، واستحواذ العقيدة الإسلامية على فكره وحياته كلها، بل إن العقيدة كانت القاسم المشترك الأعظم في جميع خطاباته وكلماته وأحاديثه ومواقفه، حيث يقول في ذلك: " ... فعقيدة التوحيد هذه هي التي تنجينا مما نحن فيه من محن ومصائب".
وقد عزا ـ رحمه الله ـ سر فتوحاته وانتصاراته إلى التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مما يؤكد سلامة المنهج وحسن المعتقد، حيث يقول: "لقد خرجت وأنا لا أملك شيئاً من حطام الدنيا ومن القوة البشرية، وقد تألّب عليّ الأعداء، ولكن بفضل الله وقوته تغلبت على أعدائي وفتحت هذه البلاد، ولم يكن عندي من العتاد سوى قوة الإيمان وقوة التوحيد".
وما يُدَلِّل على التزامه بالتوحيد الخالص عقيدة وسلوكاً: أنه كان في إحدى زياراته للخرج في أواخر عام 1363هـ دخل عليه شاعر من أهل نجد، وفي يده قصيدة استأذنه في إلقائها وابتدأ بمطلعها:
أنت آمالنا ومنك الرجاء..
فصاح الملك: "تخسأ، تخسأ، ولمح في المجلس الشيخ حمد الجاسر، فقال له: خذه علّمه التوحيد يابن الجاسر ".