والجواب عن ذلك هو أن الصواب الذي عليه سلف الأمة وخلفها هو ما أنتم عليه لا ما جاءكم من المثال وهو أن المسافر إذا صلى خلف المقيم عليه أن يتم أربعا وقد ثبت في مسند أحمد وصحيح مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ما يدل على ذلك، أما إذا كان المسافر هو الإمام فإن السنة في حقه أن يصلي الرباعية ركعتين وعلى المأمومين أن يكملوا أربعا إذا كانوا غير مسافرين كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح. وأما من فاتته الجمعة فالذي عليه الأئمة الأربعة والجمهور أنه يصلى ظهرا وليس له أن يصلى جمعة، والقول بأنه يصلى جمعة قول شاذ مخالف للأدلة الشرعية فلا ينبغي أن يعول عليه، وأما الدليل على قراءة النبي صلى الله عليه وسلم سرا في صلاتي الظهر والعصر يوم الجمعة في عرفة فهو ما ثبت في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه."أن النبي صلى الله وسلم بعدما خطب الناس يوم عرفة أمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين ولم يصلى بينهما شيئا". فهذا النص دليل ظاهر على أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل جمعة وإنما صلى ظهرا ومعلوم بالأدلة الشرعية أنه كان عليه الصلاة والسلام يقرأ سرا في الظهر والعصر فلو كان جهر بالقراءة في الظهر ذلك اليوم لنقل ويدل على ذلك أيضا أنه قدم الخطبة على الأذان فلو كان صلى جمعة لأخر الخطبة بعد الأذان أو جهر بالقراءة وأخر العصر إلى وقتها لأن ذلك هو الأجر المعروف من سنته عليه الصلاة والسلام مدة إقامته بالمدينة ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم -فيما نعلم- أنه قدم الخطبة على الأذان يوم الجمعة ولا مرة واحدة كما أنه لم ينقل عنه أنه جهر في الظهر, وإنما قد يسمعهم الآية بعض الأحيان في الظهر والعصر, ليعلموا أنه يقرأ عليه الصلاة والسلام, كما أنه لم ينقل عنه أنه صلى الجمعة في شيء من أسفاره, ولا أنه جمع بين الجمعة والعصر لا في السفر, ولا في الحضر, ومن قال خلاف ذلك فعليه بيان الدليل الثابت في ذلك.