نعم تفرقوا طرائق، وأهملوا طريقة الكتاب والسنة، إلا قليلاً منهم، فتسلط عليهم الأجانب يستعمرونهم ويتصرفون فيهم، بسبب من هؤلاء المسلمين المفارقين للجماعة، أنفسهم، لا من هؤلاء الأجانب. كما قال رحمه الله: "ومن خطل الرأي الذهاب إلى أن الأجانب هم سبب هذه التفرقة وهذه المصائب.. إن سبب بلايانا من أنفسنا لا من الأجانب، يأتي أجنبي إلى بلد ما، فيه مئات الألوف بل الملايين من المسلمين، فيعمل عمله بمفرده! فهل يعقل أن فرداً في مقدوره أن يؤثر على ملايين من الناس إذا لم يكن له من هذه الملايين أعوان يساعدونه ويمدونه بآرائهم وأعمالهم؟ كلا ثم كلا.. فهؤلاء الأعوان هم سبب بليتنا ومصيبتنا.. أجل هؤلاء الأعوان هم أعداء الله وأعداء أنفسهم.
إذاً فاللوم واقع على المسلمين أنفسهم وحدهم لا على الأجانب.. إن البناء المتين لا يؤثر فيه شيء مهما حاول الهدامون هدمه، إذا لم تحدث فيه ثغرة تدخل فيها المعاول، وكذلك المسلمون، لو كانوا متحدين متفقين لما كان في مقدور أحد خرق صفوفهم وتمزيق كلمتهم.. " [49]
ثم يبين رحمه الله الطريق الصحيح للخلاص فيقول: "إن المسلمين بخير إذا اتفقوا، وعملوا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ليتقدم المسلمون للعمل بذلك، فيتفقون فيما بينهم على العمل بكتاب الله وسنة نبيه، وبما جاء فيهما، والدعوة إلى التوحيد الخالص، فإنني حينذاك أتقدم إليهم فأسير وإياهم جنبا إلى جنب، في كل عمل يعملونه، وفي كل حركة يقومون بها.. والله إنني لا أحب الملك وأبهته، ولا أبغي إلا مرضاة الله والدعوة إلى التوحيد،.. ليتعاهد المسلمون فيما بينهم على التمسك بذلك وليتفقوا، فإني أسير وقتئذ معهم لا بصفة ملك، أو زعيم أو أمير بل بصفة خادم.. أسير أنا وأسرتي وجيشي وبنو قومي، والله على ما أقول شهيد، وهو خير الشاهدين" [50] .